“عمرنا ما خرجنا مدّينا إحنا يدّنا لأحد. لو ناكل روتي وشاهي (خبز وشاي) نقول الحمد لله عليه.”
فاطمة أم النازحة في اليمن
بهذه الكلمات تعبّر فاطمة، الأم النازحة في اليمن، عن وجعها من ضيق سبل العيش التي تواجهها أسرتها بعدما نزحت من ديارها بسبب الحرب للبحث عن الأمان. وكلماتها هذه تعبّر عن معاناة آلاف الأسر اليمنية بعد سنوات من الحرب المستمرّة. بل تعبّر أيضاً عن مدى الصبر والاحتساب الذي يلتزمه ملايين اليمنيين وملايين اللاجئين المهجّرين من ديارهم في المنطقة والعالم.
أسرة فاطمة هي واحدة من ملايين الأسر هذه التي تمضي الآن شهر رمضان الكريم وسط الفقر والعوز، ويعتمدون على دعم مفوضية اللاجئين لتأمين سبل العيش. وهي إحدى الأسر المستحقّة لمساعدات الزكاة عبر صندوق الزكاة للاجئين. وفي رمضان هذا العام، هم بحاجة أكثر من أي وقت مضى في ظلّ الظروف الاستثنائية التي يعيشونها كما يعيشها العالم أجمع بسبب تفشّي وباء كورونا COVID-19 وما نتج عنه من إجراءات عزل صحية ومنزلية تُجبر الجميع على تحديد تحرّكاتهم والتزام بيوتهم. فكيف يمكن للاجئين والنازحين أن يؤمّنوا سبل العيش؟
في الحديث مع فاطمة، لا يمكن لك سوى الانتباه لحزن هذه السيّدة على ما حلّ بوجهها من حروق وتشوّهات نتيجة الحرب وإطلاق القذائف التي أدّت إلى انفجار قارورة الغاز أثناء تواجدها في المطبخ. ورغم ذلك ستسمعها تقول: “الحمد لله، كل إنسان تجيه مصيبة يقول الحمد لله عليها… في المستشفى طلبوا مني ثلاث عمليّات، لكن طلبوا بياس (نقود)، وبياس ما في شي معاي. خلاص، الحمد لله… قدر من الله سبحانه وتعالى.”
وعن رحلة النزوح، تروي لنا فاطمة ما قاسته مع أسرتها من جوع وحاجة، حيث وصفت مشهد محطّات هذه الرحلة قائلة: “هالناس ينزلوا يتغدّون، واحنا ما تغدّيناش… ما معانش حقّ الغدا. ينزلوا يتعشّون واحنا ما معناش حقّ العشا… اللي معانا بس نسوّي بيها مية وبسكوت.”
في هذه الأيام المباركة من الشهر الفضيل، تذهب قلوبنا وأفكارنا إلى من هم أقل حظاً وأشدّ ضعفاً، ونتذكّر بالزكاة والصدقات الأشخاص المحتاجين ليد العون والذين ذُكِروا في القرآن الكريم ضمن الأصناف الثمانية المستحقّة لها: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ) 60 – سورة التوبة. ويندرج معظم اللاجئين والنازحين اليوم تحت أربعة أصناف على الأقلّ، فهُم يُعتبرون من أبناء السبيل الذي بعدوا من ديارهم، وكثيرون منهم تكبَّدوا عناء دَين وباتوا مغلوبين بالديون، وهُم بذلك من صنف الغارمين. لكن استحقاقيتهم هذه تعود لكون غالبيتهم العظمى من الفقراء والمساكين الذين اشتدّ حرمانهم حدّ طلب المساعدة… بل أن أكثرهم يتعفّفون عن الطلب.
(لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ) 8 –
سورة الحشر
وبالحديث عن شهر رمضان، ننقل لكم ما قالته فاطمة لنا وهي تعبّر مرّة أخرى عن الواقع المرير للاجئين والنازحين الذين تزيد سوء أوضاعهم المعيشية من صعوباتهم وتحدّياتهم لإتمام فرائض الدين وممارسة شعائره: “رمضان هنا، ده انت تشوفي الحالة… ما فيش حمّام حتى تغسّل عشان تصلّي. ما فيش مكان تنامي فيه عشان ترتاحي علشان الصوام (الصيام)… رمضان شهر نظافة شهر تطهير، شهر صلاة وعبادة… لكن ما في حاجة… الإنسان هنا يجلس يومين تلاتة نايم في ثيابه…”
لربما يستطيع الكثيرون الصيام عن الطعام والشراب، ولأن الصيام والصلاة هما عبادتين أساسيتين في رمضان، فلا يمكن التخيّل حجم المعاناة التي يعيشها ملايين اللاجئين والنازحين الآن، وهم مشتاقون للسكينة وهدوء البال الذي افتقدوه يوماً وحُرِموا بنتيجته من إمضاء شهر رمضان كما كانوا يمضونه في ديارهم ووسط الأحبّة. فحين تفكّرون في أداء فريضة الزكاة في رمضان هذا العام، ندعوكم لتخصيصها لمساعدة هؤلاء الذي أُجبروا على الفرار من ديارهم وخسروا كل شيء.
اللاجئون والنازحون مستحقّون للزكاة والصدقة، وإليكم 4 أسباب إضافية لأهمية تخصيصها لهم عبر صندوق الزكاة للاجئين:
- لماذا مفوضية اللاجئين: نحن المنظمة الدولية الوحيدة المكلّفة بقيادة الجهود العالمية لحماية ومساعدة أكثر من 70 مليون لاجئ ونازح حول العالم. ونولي اهتماماً خاصاً للأسر الأكثر ضعفاً وفقراً، أسر المسنّين والأرامل والأيتام، وخصوصاً في المناطق التي يصعب الوصول إليها مثل اليمن وبنغلاديش.
- الأثر الأكيد: نحن ملتزمون أمام شركائنا وداعمينا حول الاستخدام الأفضل لأموال التبرعات والصدقات والزكواة (وفق أحكام الزكاة) لمساعدة الأسر اللاجئة والنازحة المستحقّة والحفاظ على كراماتهم.
- سياسة توزيع 100% من أموال الزكاة: بالاستناد إلى أكثر من 10 فتاوى تلقتها مفوضية اللاجئين، والتي تشكل أسس الحوكمة لصندوق الزكاة للاجئين الذي أُطلق في العام 2019 بهدف إيصال أموال الزكاة المتبّرع بها للأسر المستحقّة بشكل كامل 100% دون اقتطاع لأية رسوم أو مصاريف (كالأجور)، على أن يتم تغطيتها من مصادر تمويل أخرى.
- حالة طوارىء فيروس كورونا COVID-19: هذا العام، زكاتك ستترك أثراً مضاعفاً في حياة الأسر الأكثر ضعفاً وفقراً. فبالإضافة إلى مساعدتهم على تأمين احتياجاتهم المعيشية الملحّة (كالإيجار والطعام والدواء والتعليم) هي ستكون أيضاً بمثابة شريان حياة لهم في ظلّ ظروف الإقفال والعزل ونتائجه الاقتصادية. في هذه الأثناء، تواجه آلاف الأسر اللاجئة والنازحة تحديّات غير مسبوقة في سعيهم لحماية أطفالهم وتوفير سبل العيش.
تخيّل أثر زكاتكم وصدقاتكم في حياة الأسر اللاجئة والنازحة هذا العام.
تابعنا